احذر المتشائم, فإنك تريهِ الزهرة فيريك شوكَها, وتعرضُ عليه الماءَ فيخرجُ لك منه القذى, وتمدحُ له الشمس فيشكو حرارتَها
أتريدُ السعادة حقاً! لا تبحثُ عنها بعيداً, إنها فيك ؛ في تفكيرِك المبدعِ, في خيالك الجميلِ, في إرادتِك المتفائلةِ, في قلبك المشرقِ بالخيرِ
السعادةُ عِطْرٌ لا يستطيعُ أن ترشَّهُ على من حولَك دونَ أن تعلق به قطراتٌ منه
مصيبُتنا أننا نخافُ من غيرِ اللهِ في اليومِ أكثر من مائةِ مرةٍ: نخاف أن نتأخر, نخافُ أن نخطئ, نخافُ أن نستعجلَ, نخافُ أن يغضبَ فلانٌ, نخافُ أن يشكَّ فلانٌ
تتعرضُ البعوضةُ للأسدِ كثيراً وتحاولُ إيذاءه فلا يعيرُها اهتماماً ولا يلتفتُ إليها، لأنه مشغولٌ بمقاصدِه عنها
*******
بعضُنا مِثْلِ السمكةِ العمياءِ تظنُّ وهي في البحرِ أنها في كأسٍ صغيرٍ, فنحن خلقنا في عالم الإيمانِ فأحطنا أنفسنا بجبالِ الكرهِ والخوفِ والعداوةِ والحزنِ
إن الحياة كريمةٌ، ولكن الهدية تحتاجُ لمن يستحقُّها, وإن الذين تضحكُ لهم الحياة وهم يبكون، وتبتسمُ لهم وهم يكشرون لا يستحقون البقاءَ
وضع صيادٌ حمامة في قفصٍ فأخذت تغني فقال الصيادُ: أهذا وقتُ الغناء ! فقالت : من ساعةٍ إلى ساعةٍ فَرَجٌ
قيل لحكيمٍ: لماذا لا تذهبُ إلى السلطانِ فإنه يعطي أكياسَ الذهبِ؟.. قال: أخشى منه إذا غضب أن يقطع رأسي ويضعه في أحد تلك الأكياسِ ويقدمه هديةً لزوجتي
كثيرون من الناس يعتقدون أن كلَّ سرورٍ زائلٌ ولكنّهم يعتقدون أنَّ كلَّ حزنٍ دائمٌ, فهم يؤمنون بموتِ السرورِ، ويكفرون بموتِ الحُزْنِ
*******
فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ.. لولم يكن للذكر من فائدةٍ إلا هذه لكفى, ولو لمْ يكنْ له نفعٌ إلا أن يذكرك ربُّك لكفى بهِ نفْعاً, فيا له من مَجْدٍ وسؤددٍ وزُلْفى وشرفٍ
بشرى لك.. فالطهورُ شطرُ الإيمان فهو يذهبُ الخطايا ويغسلُ السيئاتِ غسلاً، ويطهرك لمقابلةِ ملكِ الملوكِ تعالى
طُوْبَى لك فالصلاةُ كفارةٌ تذهبُ ما قبلها, وتمحو ما أمامها, وتصلح ما بعدَها, وتفك الأسر عن صاحبِها, فهي قرةُ العيون
الرجل الذي يسعى دائماً للظفر باحترام الناس ولا يتعرضُ لنقدهم, كثيراً ما يعيشُ شقياً بائساً, والسعيُ وراء الظهورِ والشهرةِ عَدُوٌ للسعادةِ
النظرياتُ والدروسُ في فنِّ السعادةِ لا تكفى, بل لابدَّ من حركةٍ وعملٍ وتصرفٍ كالمشي كل يوم ساعة أو السفرِ أو الذهابِ إلى المنتزهاتِ
*******
لماذا تسمع نُباح الكلابِ ولا تنصتُ لغناءِ الحمامِ ! لماذا ترى من الليل سواده، ولا تشاهدْ حسنَ القَمَرِ والنجومِ ! لماذا تشكو لَسْعَ النحلِ وتنسى حلاوة العَسَلِ
تاب أبوك آدمُ من الذنبِ فاجتباه ربك واصطفاه وهداه, وأخرجَ من صلبِه أنبياءَ وشهداءَ وعلماءَ وأولياءَ, فصار أعلى بعد الذنبِ منه قبل أن يذنبَ
ناح نوح والطوفان كالبركان فهتف : يا رحمانُ يا منانُ, فجاءه الغوثُ في لمحِ البصرِ فانتصر وظفرَ, أما من كفرَ فقد خسرَ واندحرَ
أصبح يونس في قاع البحرِ في ظلماتٍ ثلاث فأرسلَ رسالة عاجلةُ فبها اعترافُ بالاقترافِ, واعتذرٌ عن التقصير, فجاء الغوث كالبرقِ لأن البرقية صادقةٌ
غسل داود بدموعه ذنوبه فصار ثوبُ توبِته أبيض ؛ لأن القماشَ نُسِجَ في المحرابِ والخياطُ أمينٌ, وغُسِلَ الثوبُ في السَّحَرِ
*******
إذا اشتد عليك الأمرُ وضاقَ بك الكَرْبُ وجاءك اليأسُ ؛ فانتظرِ الفَرَجَ
إذا أردت الله يفرجَ عنك ما أهمك فاقطعْ طمعَك في أي مخلوقٍ صغرَ أم كبر, ولا تعلّقْ على أحدٍ أملاً غَيْرَ اللهِ، وأجمع اليأسَ في الناسِ كافةً
نفسك كالسائل الذي يلوّن الإناء بلونه، فإن كانت نفسُك راضيةً سعيدة رأيت السعادة والخيرَ والجمالَ، وإن كانت ضيقةَ متشائمة رأيتَ الشقاءَ والشرَّ والقُبْحَ
إذا أطعمت المعبودَ، ورضيتَ بالموجودِ، وسلوتَ عن المفقودِ، فقد نلتَ المقصودَ وأدركتَ كلَّ مطلبٍ محمودٍ
*******
-د.عـائض القـرني